الضيافة الواجبة:
ومنها: ما هو حق واجب، ومنها: ما هو مسنون مندوب؛ فمن الحق الواجب: إضافةُ الضيفِ ليومٍ وليلةٍ.
ففي الحديث قال : «ليلةُ الضيفِ حقٌّ على كلِّ مسلمٍ» .
وعن عقبة بن عامر أنه قال: «قلنا: يا رسولَ الله، إنك تبعثُنَا، فننزل بقومٍ فلا يقروننا، فما ترى؟ فقال : إن نزلتم بقومٍ فأمروا لكم بما ينبغي للضيفِ فاقبَلُوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حقَّ الضيفِ الذي يَنبغي لهم».
فهي واجبة عند بعض الفقهاءِ كالظاهرية، لا سيما على أهل البوادِي ونحوهم، وهي سنةٌ عند أكثرهم؛ لقوله : «مَن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخِرِ فليكرِمْ ضيفَهُ جائزَتَهُ، قالوا: وما جائزتُهُ يا رسولَ الله؟ قال: يومٌ وليلةٌ، والضيافةُ ثلاثةُ أيامٍ، فما كان وراءَ ذلك فهو صدقةٌ» .
ثم إن التَّوَسُّعَ في المالِ بالمباحاتِ مِنَ المطاعِمِ والمشارِبِ والملابِسِ والمساكِنِ والمراكِبِ حلالٌ؛ لعموم قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 32].
وذلك ما لم يخرج هذا عن حدِّ الاعتدالِ إلى الإسرافِ، أو التبذيرِ، أو حياةِ الترفِ المذمومِ.
وهكذا فهذه الضروراتُ الخمسُ- التي تمثل أهمَّ حقوقِ الإنسان في الحياة- تدور على حفظها سائرُ تشريعاتِ الإسلام؛ فمن التزمها أكرمَهُ اللهُ بالسعادة في الحياة الدنيا والنجاةِ في الآخِرة، ومَن تَنَـكَّبَها شَقِيَ في الدنيا بمقدارِ ما أَعرض عن هدي الله، وناموسِهِ العادلِ والكاملِ .
من كتاب : إن الدين عند الله الإسلام للدكتور / محمد يسرى إبراهيم
تعليقات
إرسال تعليق